سيرتا ، سيقا ، يول
سيرتا
قسنطينة "سيرتا"
هي مدينة الجسور المعلقة وعاصمة للشرق الجزائري من كبريات مدن
الجزائر مساحة و سكانا. بنية المدينة على صخرة الغرانيت القاسي، ميزها بمنظر فريد
يستحيل أن يوجد مثله عبر العالم في أي مدينة.
ظهر الإسم القديم لمدينة قسنطينة على عملة برونزية عثر عليها بضواحي
المدينة تحمل على وجهها رأس إمرأة يعلوه تاج يأخذ شكل بريجات (تصغير برج) مسننة في
أعلاها تتخللها أبواب يعتقد بأنها تشير الى أبواب سيرتا القديمة أثناء حكم الملوك
النوميديين . أمام الرأس المتوج داخل العملة وجدت كتابة بونية تتكون من أربعة أحرف
هي (ك.ر.ت.ن) "كرتن" أو كرتة القديمة و لضرورة يقتضيها النطق قرأها
الرومان سيرتا و هكذا عرفت المدينة منذ الفترة الرومانية بسيرتا خلاف
ل"كرتن" و يعني في اللغة الرسمية في المملكة النوميدية
"المدينة" أو "القلعة".
بدأ تاريخ المنطقة مع قدوم البربر وانتظامهم في قبائل. حيث أطلق
الإغريق عليهم اسم النوميديين.
دخلت المدينة بعدها تحت سلطة الرومان. وأثناء العهد البيزنطي تمردت
سنة 311 م. على السلطة المركزية فاجتاحتها القوات الرومانية من جديد وأمر
الإمبراطور ماكسينوس بتخريبها حيث أعاد الإمبراطور قسنطنطين بناءها عام 313 م.
وعرفت المدينة اسم القسطنطينة أو قسنطينة.
وعند دخول المسلمين المغرب انعكس هذا ايجابيا على المدينة بمنحها
نوعاً من الاستقلال جعل أهلها يتولون شؤونهم بنفسهم وحتى القرن التاسع. بدأ قدوم
القبائل الهلالية إلى المنطقة، وفي القرن العاشر أصبحبت اللغة العربية طاغية على
أهالي المنطقة.
معالم و أثار قسنطينة: توجد بولاية
قسنطينة عدة معالم وآثار أهمها:
المقابر:كانت مقابر الأهالي على قدر
كبير من الفخامة، تقع بقمة جبل سيد مسيد، في المكان المسمى "نصب الأموات".
ضريح لوليوس في جبل شواية بالمكان
المسمى "الهري" على بعد حوالي 25 كلم شمال غرب قسنطينة، غير بعيد عن
"تيدس" بني من حجارة منحوتة وشيدّ من طرف "ك لوليوس إبريكيس "
حاكم روما آنذاك تخليدا لعائلته.
كهف الدببة: يبلغ طوله 60 م
ويوجد بالصخرة الشمالية لمدينة قسنطينة.
كهف الأروي: يوجد بالقرب من
كهف الدببة ويبلغ طوله 6 م ويعتبر كلا الكهفين محطتين لصناعات أثرية تعود إلى فترة
ما قبل التاريخ.
تيديس: تقع على بعد 30كلم إلى الشمال الغربي من قسنطينة وتختفي في جبل مهجور،
كانت لها قديماً أسماء عدة مثل: "قسنطينة العتيقة"، "رأس
الدار" كما سميت أيضا "مدينة الأقداس" نظراً لكثرة الكهوف
التي كان الأهالي يتعبدون بها، ويبدو أن اسمها الحالي "تيديس" هو اسم
محلي نوميدي.
باب سيرتا: هو معلم أثري
يوجد بمركز سوق بومزو ويرجح أنه كان معبداً، ويعود تاريخ اكتشافه إلى شهر حزيران
من عام 1935، وحسب بعض الدراسات فإن هذا المعبد قد بني حوالي سنة 363م.
الأقواس الرومانية:توجد بالطريق المؤدي لشعاب الرصاص،
وكان الماء المتدفق بهذه الأقواس يمر من منبع بومرزوق ومن الفسقية (جبل غريون) إلى
الخزانات والصهاريج الموجودة في كدية عاتي بالمدينة، وهذا المعلم هو من شواهد
الحضارة الرومانية.
حمامات القيصر:ما زالت أثارها قائمة إلى اليوم،
وتوجد في المنحدر بوادي الرمال، وتقع في الجهة المقابلة لمحطة القطار، غير أن
الفيضانات قد أتلفتها عام 1957، وقد كانت هذه الحمامات الرومانية تستقطب العائلات
والأسر، للاستحمام بمياهها الدافئة والاستمتاع بالمناظر المحيطة بها.
إقامة صالح باي:هي منتجع للراحة، يقع شمال غرب
قسنطينة، وقد كان من قبل منزلاً ريفياً خاصاً، قام صالح باي ببنائه لأسرته في
القرن 18، لينتصب بناية أنيقة وسط الحدائق الغناء التي كانت تزين المنحدر حتى وادي
الرمال، وتتوفر الإقامة على قبة قديمة هي محجّ تقصده النساء لممارسة بعض الطقوس
التقريبية التي تعرف باسم "النشرة".
سيقا
عين تموشنت: كانت نوميديا الأمازيغية مقسمة إلى قسمين رئيسيين عنما ظهرت مرة أخرى
في القرن السادس ق.م وهما: القسم الشرقي وكان تحت سيطرة قبيلة(الماسيلي) وعاصمتها
مدينة قرتا (في داخل الجزائر) والقسم الغربي وكان تحت سيطرة قبيلة (الماسايسيلي)
وكانت عاصمتها مدينة سيقا(في ساحل ولاية وهران الجزائرية) وكان الحد الفاصل بين
المملكتين هو نهر أمبساغا (نهر رومل في شمال الجزائر الذي يصب في المتوسط) وكانت
حدود الماسايسيلي الغربية تنتهي عند نهر مولوخا (نهر الملوية في شمال شرق المغرب
الأقصى).
مدينة تيمقاد : مدينة أثرية رومانية بُنيت سنة 100 ميلادي في عهد تراجان، وكانت في بداية الأمر تلعب دورًا دفاعيًا لتصبح فيما بعد مركزًا حضاريًا.
هي مدينة كاملة بمختلف مرافقها، بنيت على هيئة شبه مربّع طول أضلاعه 354×324م.بنيت بشكل لوحة شطرنج بواسطة طريقين رئيسيين شمال – جنوب و شرق – غرب ثم طرق فرعية موازية للطريقين الســابقين. تشكّل عند تقاطعهما مربّعات طول أضلاعها 20م خصّصت لبناء المنازل. و مع مرور الوقت ازداد عدد سكان المدينة، فهدمت الأسوار التي كانت تحيط بالمدينة، بنيت بها أحياء جديدة بشكل خاص في الجهة الشرقية للمدينة.
ما يجعل مدينة تيمقاد مدينة فريدة من نوعها في العالم، أنها لا تزال تحتفظ بتصميمها الأولي، وبكل مرافقها العامة ممّا يجعلها المثال النموذجي للمدينة الرومانية
تقع تيمقاد على بعد 32 كلم شرق ولاية باتنة، عاصمة الآوراس، أكثر من 530 كلم شرق الجزائر،
تتميز المدينة باحتوائها على مكتبة عمومية بها 8 رفوف للكتب، أربعة على اليمين وأربعة على اليسار، وهي ثاني مكتبة رومانية في العالم آنذاك.
تعتبر تيمقاد من أشهر المدن السياحية في الجزائر
إِيمَدْغَاسن أو ماد غيس أو وماد غيس : هو ضريح إيمدغاسن(القرن 3 قبل الميلاد)، ملك الأمازيغ (زناتة)، وهو يقع في ولاية باتنةبالجزائر. ويلقب ماد غيس بالأبتر
تيارت وتعتبر من اقدم المدن الجزائرية و الشمال افريقية كانت عاصمة لمملكة البربيةالأجدار التي لم تستطيع الأمبراطورية الرومانية رغم قوتها ان تحتلشبرا واحدا من هذه المملكة رغم أنها إحتلت كل شمالإفريقيا
هذا الضريح العريق القديم يقع في تيبازا في بلدية سيدي راشد طريقة بنائه تشبه طريقة بناء الأ هرامات بوابته عملاقة هو مخروطي الشكل داخله ممرات مزينة بنقوش و رموز قديمة
الملكة تينهنان هي ملكة أمازيغية من الطوارق، أو كما يقال هي أم الطوارق ،اسمها يعني باللغة الترقية "ملكة الخيم"، وهي من أصل أمازيغي يقال أنها أتت من المغرب إلى الهقار مع خادمة لها تدعى "تاكامات"، يقع ضريح تينهنان حاليا في الأهقار ولاية تمنراست في الجزائر .
مدينة تيمقاد : مدينة أثرية رومانية بُنيت سنة 100 ميلادي في عهد تراجان، وكانت في بداية الأمر تلعب دورًا دفاعيًا لتصبح فيما بعد مركزًا حضاريًا.
هي مدينة كاملة بمختلف مرافقها، بنيت على هيئة شبه مربّع طول أضلاعه 354×324م.بنيت بشكل لوحة شطرنج بواسطة طريقين رئيسيين شمال – جنوب و شرق – غرب ثم طرق فرعية موازية للطريقين الســابقين. تشكّل عند تقاطعهما مربّعات طول أضلاعها 20م خصّصت لبناء المنازل. و مع مرور الوقت ازداد عدد سكان المدينة، فهدمت الأسوار التي كانت تحيط بالمدينة، بنيت بها أحياء جديدة بشكل خاص في الجهة الشرقية للمدينة.
ما يجعل مدينة تيمقاد مدينة فريدة من نوعها في العالم، أنها لا تزال تحتفظ بتصميمها الأولي، وبكل مرافقها العامة ممّا يجعلها المثال النموذجي للمدينة الرومانية
تقع تيمقاد على بعد 32 كلم شرق ولاية باتنة، عاصمة الآوراس، أكثر من 530 كلم شرق الجزائر،
تتميز المدينة باحتوائها على مكتبة عمومية بها 8 رفوف للكتب، أربعة على اليمين وأربعة على اليسار، وهي ثاني مكتبة رومانية في العالم آنذاك.
تعتبر تيمقاد من أشهر المدن السياحية في الجزائر
إِيمَدْغَاسن أو ماد غيس أو وماد غيس : هو ضريح إيمدغاسن(القرن 3 قبل الميلاد)، ملك الأمازيغ (زناتة)، وهو يقع في ولاية باتنةبالجزائر. ويلقب ماد غيس بالأبتر
تيارت وتعتبر من اقدم المدن الجزائرية و الشمال افريقية كانت عاصمة لمملكة البربيةالأجدار التي لم تستطيع الأمبراطورية الرومانية رغم قوتها ان تحتلشبرا واحدا من هذه المملكة رغم أنها إحتلت كل شمالإفريقيا
هذا الضريح العريق القديم يقع في تيبازا في بلدية سيدي راشد طريقة بنائه تشبه طريقة بناء الأ هرامات بوابته عملاقة هو مخروطي الشكل داخله ممرات مزينة بنقوش و رموز قديمة
الملكة تينهنان هي ملكة أمازيغية من الطوارق، أو كما يقال هي أم الطوارق ،اسمها يعني باللغة الترقية "ملكة الخيم"، وهي من أصل أمازيغي يقال أنها أتت من المغرب إلى الهقار مع خادمة لها تدعى "تاكامات"، يقع ضريح تينهنان حاليا في الأهقار ولاية تمنراست في الجزائر .
تاكفاريناس من أهم قادة نوميديا ، الأمازيغية، نشأ في أسرة نبيلة ذات نفوذ كبير، وينتمي
لقبيلة موسالامس (Musulamii)، وجنّد مساعدا في الجيش الروماني في سن السادسة عشرة برتبة
مساعد، واكتسب أثناء العمل تجربة عسكرية كبيرة؛ لكنه فر من الجندية بعد أن رأى ظلم
الرومان الذي كان يمارس ضد الأمازيغيين وتلمس طغيانهم واستبدادهم المطلق. فعين من
قبل أتباعه ومحبيه قائدا لقبائل "المزاملة" سنة 17م، فشكل منها جيشا
نظاميا من المشاة والفرسان على الطريقة الرومانية في
تنظيم الجيوش. وفقد عمه وأخاه وابنه في الحروب التي خاضها ضد الجيش الروماني في
شمال أفريقيا، وقد دامت ثورته سبع سنوات ثم انهزم قتيلا في في منطقة سور الغزلان
بالجزائر. وتعلم تاكفاريناس الكثير من خطط الجيش الروماني وطرائقه الاستراتيجية في
توجيه الحروب والمعارك، كما اطلع على أسلحته وما يملكه من عدة مادية وبشرية، وما
يتسم به هذا الجيش من نقط الضعف التي يمكن استغلالها في توجيه الضربات القاضية
إليه أثناء اشتداد المواجهات والمعارك الحامية الوطيس.
يعد
تاكفاريناس من أهم أبطال المقاومة الأمازيغية قديما، وقد أظهر شجاعة كبيرة في
مواجهة المحتل الروماني، وقد لقنه درسا لاينسى في البطولة والمقاومة الشرسة، وهو
ما زال محفورا في ذاكرة تاريخ الإمبراطورية الرومانية. كما أخرت مقاومته الشعبية
احتلال تامازغا من قبل المتوحش الروماني لمدة طويلة تربو على عقد من الزمن. ولم
يتمكن العدو من احتلال بعض أجزاء أفريقيا الشمالية إلا بعد مقتل تاكفاريناس في
ساحة الحرب.
حياته
تاكفاريناس من أهم قدات نوميديا، نشأ في أسرة نبيلة ذات نفوذ كبير،
وينتمي لقبيلة موسالامس، وۥجنّد مساعدا في الجيش الروماني في سن السادسة
عشرة برتبة مساعد، واكتسب أثناء العمل تجربة عسكرية كبيرة؛ لكنه سيفر من الجندية
بعد أن رأى ظلم الرومان الذي كان يمارس ضد الأمازيغيين وتلمس طغيانهم
واستبدادهم المطلق. فعين من قبل أتباعه ومحبيه قائدا لقبائل" المزاملة"
سنة 17م، فشكل منها جيشا نظاميا من المشاة والفرسان على الطريقة الرومانية في
تنظيم الجيوش. وفقد عمه وأخاه وابنه في الحروب التي خاضها ضد الجيش الروماني في
شمال أفريقيا، وقد دامت ثورته سبع سنوات ثم قتل في معركة في منطقة سور الغزلان بالجزائر. وتعلم تاكفاريناس الكثير من خطط الجيش
الروماني وطرائقه الاستراتيجية في توجيه الحروب والمعارك، كما اطلع على أسلحته وما
يملكه من عدة مادية وبشرية، وما يتسم به هذا الجيش من نقط الضعف التي يمكن استغلالها
في توجيه الضربات القاضية إليه أثناء اشتداد المواجهات والمعارك الحامية الوطيس.
أسباب مقاومة تاكفاريناس
إذا كان موقف الأمازيغيين من الفينيقيين والقرطاجيين إيجابيا، فإن
موقف الأمازيغيين من الرومان كان سلبيا إلى حد كبير؛ لأن الحكومة الرومانية كانت
تسعى إلى التوسع والاستيطان واستغلال ثروات شعوب الآخرين عن طريق التهديد وإشعال
الفتن والحروب كما فعلت مع الدولة القرطاجنية في تونس في إطار ما يسمى بالحروب
البونيقية.
وإذا كان القرطاجنيون قد اهتموا بالتجارة والصيد، فإن الرومان كانوا
يركزون كثيرا على الفلاحة؛ مما دفعهم للبحث عن الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة.
وهذا ما أدى بالحكومة الرومانية للتفكير في استعمار شمال أفريقيا قصد نهب خيراتها والاستيلاء على أراضيها التي
أصبحت فيما بعد جنانا للملاكين الكبار وإقطاعات لرجال العسكر وفراديس خصبة
للساهرين على الكنيسة في حين أصبح الأمازيغيون عبيدا أرقاء وخداما رعاعا وأجراء
مستلبين في أراضيهم مقابل فضلات من الطعام لاتقي جوع بطونهم التي كان ينهشها الفقر
والسغب. ومن ثم، « طبقت روما سياسة اقتصادية جشعة طوال احتلالها، تلخصت في
جعل ولاياتها تخدم اقتصادياتها وتلبي حاجياتها من الغذاء والتسلية لفقرائها...
والتجارة المربحة لتجارها والضرائب لدولتها... والإبقاء على النزر اليسير لسد
متطلبات عيش الأمازيغ الخاضعين...".
ويعني هذا أن سياسة الرومان في أفريقيا الشمالية كانت تعتمد على
التوسع والغزو وإيجاد الحلول المناسبة لمشاكلها الداخلية وتصديرها إلى الخارج مع
البحث عن الموارد والأسواق لتحريك دواليب اقتصادها المعطل وإيجاد مصادر التمويل
والتموين لقواتها العسكرية الحاشدة عددا وعدة. ومن ثم، لم " يكتف الرومان
باحتلال أجود الأراضي الفلاحية الأمازيغية فحسب، بل قام الإمبراطور الروماني أغسطس
بتشجيع استيطان عدد مهم من سكان إيطاليا في شمال إفريقيا، خصوصا منهم الجنود وقادة
الجيش المسرّحون أو المتقاعدون ورجال الأعمال والتجار مما كان له دوره في تغيير
التوازن والتوافق السكاني، الذي كان سائدا في السابق بين ساكنة المنطقة، بل كلما
تم استقدام أعداد منهم من إيطاليا، إلا ويكون على حساب الأراضي الفلاحية والرعوية
للأهالي الأمازيغ. ويظهر هذا في نسبة العمران والتمدين الروماني الذي بدأ في سواحل
البحر المتوسط خصوصا بعد فترة الإمبراطور أغسطس. أما المناطق الداخلية فلم تبق
بمعزل عن هذه التطورات خصوصا أن الرومان كانوا يضمون الأراضي الأمازيغية باستمرار
نحو الداخل، إما بهدف الحصول على أراضي جديدة للقادمين الجدد، أو الحصول على أماكن
بناء الحصون والقلاع لحماية أراضي المعمرين.".
ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى اندلاع ثورة تاكفاريناس الانتقام
للملك الأمازيغي الأول يوغرطة الذي وحد الأمازيغيين وأعدهم لمواجهة العدو الروماني
الغاشم، بيد أن الجيش الروماني نكل به تنكيلا شديدا ليكون عبرة للآخرين، وأيضا
الثأر من الجيش الروماني نظرا لما قام به من اعتداء صارخ على القبائل الموسولامية
التي وقفت كثيرا في وجه الغزو الروماني، ناهيك عن التفاوت الطبقي والاجتماعي في
المجتمع الأمازيغي الذي خلقه الاحتلال الروماني، وتردي أحوال الفقراء والمعدمين
وهذا ما سيؤدي بهم فيما بعد إلى ثورة جماعية تسمى بالدوارين؛ لأنهم كانوا يحومون
ويدورون حول مستودعات الحبوب لسرقتها. ولا ننسى رجال الكنيسة الأمازيغيين الذين
ساهموا في إشعال عدة فتن وثورات ضد المحتل الروماني خاصة الدوناتيين نسبة إلى رجل
الدين الأمازيغي المسيحي دوناتوس الذين كانوا يطالبون إخوانهم الأمازيغيين بعدم
الانتظام في الجندية الرومانية وطرد كبار الملاك من أراضيهم وأصحاب النفوذ من
المسيحيين الكاثوليك من بلادهم.
تطور مقاومة تاكفاريناس ضد الاحتلال الروماني
لم يرض تاكفاريناس بالتدخل الإيطالي ولم يقبل كذلك بالظلم الروماني
وبنزعته التوسعية الجائرة التي استهدفت إخضاع الأمازيغيين وإذلالهم ونهب ثرواتهم
والاستيلاء على خيراتهم وممتلكاتهم عنوة وغصبا. كما لم يرض بتلك السياسة العنصرية
التي التجأ إليها الرومان لطرد الأمازيغيين خارج خط الليمس (Limes) وهو خط دفاعي يفصل الثلث الشمالي المحتل عن الجنوب
الصحراوي غير النافع. وقد ۥشيّد هذا الخط الفاصل بعد القرن الثاني الميلادي بعد أن
تمت للرومان السيطرة الكاملة على أراضي أفريقيا الشمالية. ويتركب خط الليمس من
جدران فخمة شاهقة وخنادق وحفر وحدود محروسة وقلاع محمية من قبل الحرس العسكري،
ويمكن تشبيهه بالجدار المحصن ضد الهجوم الأمازيغي المحتمل. وكان هذا الخط الفاصل
يتكون من الفوساطوم الذي يتألف من أسوار تحفها خنادق من الخارج، ومن حصون للمراقبة
غير بعيدة عن الفوساطوم، وطرق المواصلات الداخلية والخارجية التي تتصل بالفوساطوم
قصد إمداد الحاميات بالمؤن والأسلحة. ويعني هذا أن خط الليمس كان يقوم بثلاثة
أدوار أساسية: دور دفاعي يتمثل في حماية الحكومة الرومانية في إفريقيا الشمالية
والحفاظ على مصالحها وكينونتها الاستعمارية من خلال التحصين بالقلاع واستعمال
الأسوار العالية المتينة الشاهقة، ودور اقتصادي يكمن في إغناء التبادل التجاري مع
القبائل الأمازيغية التي توجد في المنطقة الجنوبية لخط الليمس، ودور ترابي إذ كان
الليمس يفصل بين منطقتين : منطقة شمالية رومانية ومنطقة جنوبية أمازيغية. ولا
يعبر هذا الخط الواقي إلا عن سياسة الخوف والحذر وترقب الهجوم الأمازيغي المحتمل
في كل آن ولحظة.
هذا، ولقد امتدت مقاومة تاكفاريناس شرقا وغربا لتوحيد الأمازيغيين
قصد الاستعداد لمواجهة الجيش الروماني المحتل. وكانت الضربات العسكرية التي يقوم
بها تاكفاريناس تتجه صوب القاعدة الرومانية الوسطى مع استخدام أسلوب المناورة
والتشتت للتجمع والتمركز مرة أخرى، والتسلح بحرية الحركة و استخدام تقنية المناورة
واللجوء إلى الانسحاب والمباغتة والهجوم المفاجئ وحرب العصابات المنظمة لمحاصرة
الجيش الروماني وضربه في قواعده المحصنة. وهذه الطريقة في المقاومة لم يألفها
الجيش الروماني الذي كان لايشارك إلا في الحروب والمعارك النظامية وينتصر فيها بكل
سهولة نظرا لقوة عتاده المادي وعدته البشرية والعسكرية. ويبدأ امتداد تاكفاريناس
من طرابلس الحالية غربا حتى المحيط الأطلسي شرقا والامتداد في مناطق الصحراء
الكبرى جنوبا.
وكل من يستقرى تاريخ مقاومة تاكفاريناس لابد أن يعتمد على كتابات
المؤرخ اللاتيني تاكيتوس الذي كان قريبا من تلك الأحداث، ولكنه لم يكن موضوعيا في
حولياته التاريخية وأحكامه على الأمازيغيين، وكان ينحاز إلى الإمبراطورية
الرومانية وكان يعتبر تاكفاريناس ثائرا إرهابيا جشعا يريد أن يحقق أطماعه ومآربه
الشخصية على حساب الآخرين وحساب أصدقائه القواد مثل: القائد الشجاع مازيبا. ويعني
هذا حسب المؤرخ اللاتيني الروماني تاكيتوس أن الحكومة الرومانية لم تأت إلى
أفريقيا الشمالية إلا لتزرع الخير وتنقذ الجائعين وۥتحضّر البدويين والرحل الرعاع
وتزرع السلام والمحبة بين الأمازيغيين، بينما - والحق يقال- لم تقصد الجيوش الرومانية
ربوع تامازغا بجيشها الجرار وأسلحتها الفتاكة سوى لاحتلالها والاستيطان بها
والاستيلاء على أراضيها ونهب ثرواتها والتنكيل بأهاليها. ويقول تاكيتوس في حق
تاكفاريناس:" اندلعت الحرب في إفريقية في نفس السنة (17م)، وكان على رأس
الثوار قائد نوميدي يسمى تاكفاريناس، كان قد انتظم بصفة مساعد في الجيوش الرومانية
ثم فر منها. وفي أول أمره جمع حوله بعض العصابات من قطاع الطريق والمشردين وقادهم
إلى النهب، ثم جعل منهم مشاة ففرسانا نظاميين وسرعان ما تحول من رأس عصابة لصوص
إلى قائد حربي للمزالمة، وكانوا قوما شجعانا يجوبون الفلوات المتاخمة لإفريقية.
وحمل المزالمة السلاح وجروا معهم جيرانهم الموريين الذين كان يقودهم مازيبا.
واقتسم القائدان الجيش، فاستبقى تاكفاريناس خيرة الجند، أي جميع من كانوا مسلحين
على غرار الرومان ليدربهم على النظام ويعودهم على الامتثال، أما مازيبا فكان عليه
أن يعمل السيف ويشعل النار ويذعر الذعر بواسطة العصابات".
ويستعمل تاكيتوس (تاسيت Tacite) أسلوبا ذكيا في توجيه الطعنات إلى تاكفاريناس
عندما اعتبره رجل عصابة يفر من الجندية ويتحول إلى قائد عسكري خائن أناني يستحوذ
على خيرة الجند، بينما لا يترك لصديقه مازيبا سوى عصابة من الإرهابيين تنشر الذعر
في نفوس الأبرياء من الروم!!!
ونحن سنقلب القراءة لتتجه عكس مسار قراءة تاكيتوس لنثبت بأن
تاكفاريناس كان رجلا شجاعا ومواطنا أمازيغيا غيورا على بلده، لم يرض بالضيم
الإيطالي والذل الروماني، فوحد القبائل الأمازيغية سواء أكانت في الشرق أم في
الغرب أم في الجنوب، أي إنه استعان بكل القبائل المناوئة للمحتل الروماني حتى
بالقبائل الصحراوية التي كانت ترفض هذا العدو المغتصب وتناهضه.
وتعتمد مقاومة تاكفاريناس على نوعين من القوات العسكرية : قوة
عسكرية منظمة على الطريقة الرومانية التي تتكون من المشاة والفرسان، وقوة غير
منظمة تتخذ شكل عصابات مباغتة مشروعة في أهدافها ونواياها توجه ضربات خاطفة موجعة
للجيش الروماني وتزرع في صفوفه الرعب والهلع والخوف، وفي دياره الدمار والخراب
وخاصة في موسم الحصاد أثناء جني المحصول، وبذلك كان يوجه الضربات السديدة إلى
الاقتصاد الروماني بحرق المحصول أو السيطرة عليه أو منع الأمازيغيين من بيعه
للحكومة الرومانية التي احتلت الأمازيغيين لمدة خمسة قرون. وبالتالي، فهذه"
الحرب أضرت بالمصالح الاقتصادية لروما. فكانت جميع المعارك تقع في أواخر الربيع
وفصل الصيف، ومن بين أسباب ذلك إغارة تاكفاريناس على المدن وقت الانتهاء من حصاد
الحبوب للسيطرة على المحصول من جهة وللحيلولة دون بيع كل غلة الحبوب لروما. كما
كان تاكفاريناس يشتري الحبوب من التجار الرومانيين للحيلولة دون وصولها إلى
العاصمة الإمبراطورية"..
وقد استمرت ثورة تاكفاريناس في مواجهة الرومان مدة سبع سنوات من 17م
إلى 24م سنة مقتله في معركة الشرف ضد الجيش الروماني. ويعني هذا أن ثورة
تاكفاريناس ثورة عنيفة شرسة، وتعتبر أقوى مقاومة في تاريخ الحضارة الأمازيغية في
منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. وهي لا تعبر عن صراع الحضارة والبداوة أو الصراع
الطاحن بين النظام والفوضى كما يقول الكثير من المؤرخين الغربيين بما فيهم المؤرخ
الروماني تاكيتوس صاحب كتاب الحوليات، بل هي تعكس صراعا جدليا بين الظلم والحق
وبين الحرية والعبودية.
ومن أسباب نجاح ثورة تكافاريناس أنه تبنى عدة طرائق في المواجهة
العسكرية ولاسيما الجمع بين الخطة النظامية وحرب العصابات وتوحيد القبائل
الأمازيغية في إطار تحالف مشترك واستغلال الظروف العصيبة التي كانت تمر بها
الحكومة الرومانية لضربها ضربات موجعة. وبالتالي، لم يقتصر في تحالفه على قبائل
الموسلام، بل انفتح على القبائل الصحراوية وتحالف مع الموريين، أي مع قوات
موريطانيا الطنجية التي كان يقودها مازيبا. أما الحاكم يوبا الثاني ملك موريطانيا
الطنجية فقد كان عميلا للرومان ومتحالفا مع الحكومة القيصرية، لذلك لم يستجب له
الشعب وانساق وراء القائد مازيبا الثائر، دون أن ننسى قبائل الكينيتيين الشجعان الذين
كانوا يوجدون في الجنوب الشرقي للقبائل الموسولامية وقد تحالفوا عن اختيار وطواعية
مع القائد البطل تاكفاريناس.
وبعد أن استجمع تاكفاريناس القبائل الثائرة عبر المناطق الجنوبية لخط
الليمس من سرت حتى المحيط الأطلسي انطلق في هجماته التي كانت تخضع للمد والجزر
والهجوم والانسحاب، ولكنه استطاع أن يلحق عدة هزائم بالجيش الروماني وأن يقض مضجع
الحكومة المركزية في روما. وكان تاكفاريناس يعتمد على البدو الذين كانوا يعرفون
مناطق الصحراء ويتحركون بسرعة على جمالهم ويباغتون الجيش الروماني في الوقت الذين
يحددونه والمكان الذي يعينونه ويختارونه بدقة. لذالك، كانت الكرة في مرمى جيش
تاكفاريناس يستخدمها في الوقت المناسب وفي المكان المناسب. بينما ينتظر الجيش
الروماني ضربات الهجوم للرد عليها. ولكن الرومان استطاعوا أن يتحالفوا مع
الأمازيغيين الموالين لهم كيوبا الثاني وابنه بطليموس وأن يسخروا الجنود
الأمازيغيين لضرب إخوانهم ؛ وكان المثل عند كل المحتلين لأراضي الأمازيغ من
الرومان مرورا بالبيزنطيين إلى الوندال:"
ينبغي أن تحارب
الأمازيغيين بإخوانهم الأمازيغيين". بيد أن يوبا الثاني وابنه بطليموس لم
يستطيعا أن يؤثرا على الموريين الذين مالوا إلى تاكفاريناس ومازيبا للدفاع عن
أراضيهم المغتصبة من قبل الرومان وحرياتهم الطبيعية والمشروعة التي يريد الرومان
انتزاعها من أصحابها ليحولونهم إلى أجراء وأرقاء مذلولين. ويقول تاكيتوس في
حولياته:" تاكفاريناس لا زال ينهب في إفريقيا مساندا من طرف الموريين الذين
فضلوا مساندة الثورة على الولاء للعبيد العتقاء الذين يشكلون حاشية الملك الصغير
بطليموس.".
وقد هاجم تاكفاريناس حصون الجيش الروماني وقلاعه وهدد مدينة"
تهالة"، وطالب الرومان بأراضي خصبة لزراعتها أو للرعي فيها، لكن الرومان
استمالوا بعض أتباع تاكفاريناس ووعدوهم بالعفو وبأجود الأراضي لزراعتها. وهكذا دب
الشقاق في جيش تاكفاريناس وانتشرت الخيانة. وفي جهة مقابلة، سارعت الحكومة
الرومانية إلى توشيح كل القادة العسكريين الذين يصدون بعنف لهجمات تاكفاريناس
ووضعوا تماثيل شاهدة على إنجازاتهم. وقد قال تاكيتوس ساخرا بذلك:" يوجد في
روما ثلاثة تماثيل متوجة وتاكفاريناس لا زال حرا طليقا في إفريقيا".
لكن مع تعيين البروقنصل كورنيليوس دولا بيلا Coelius Dolabella،
ستتغير موازين الحرب في أفريقيا الشمالية وسيحاصر هذا القائد الروماني الجديد جيوش
تاكفاريناس بعد أن قضى على الكثير من أتباعه الموزولاسيين واستطاع أن يباغت جيشه
في حصن أوزيا شرق نوميديا في الصباح الباكر قبل استيقاظ قوات تاكفاريناس، فاستطاع
بسهولة أن يقبض على ابن الثائر أسيرا، وأن يتمكن من أخ تاكفاريناس. وبعد ذلك، دخل
دولابيلا في معركة حامية الوطيس مع القائد تاكفاريناس الذي توفي في المعركة سنة
24م. وكانت هذه الهزيمة في الحقيقة نتاجا للخيانة التي دبرت في الكواليس الرومانية
في تنسيق مع الأهالي الأمازيغيين، ومن هنا، طعن تاكفاريناس في الظهر كما في كل
السيناريوهات الحربية والعسكرية التي حبكت من قبل الرومان للتخلص من أعدائهم
الأمازيغيين...
ويقول محمد بوكبوط مصورا نهاية تاكفاريناس:" شن تاكفاريناس
الحرب على المدن والقرى الخاضعة للرومان، وامتدت الحركة من موريطانيا إلى خليج
السرت، مما جعله يضغط بقوة ويطالب الإمبراطور بتسليمه الأراضي، مهددا بشن حرب
لاهوادة فيها.
غير أن الرومان استطاعوا أن يحدثوا شرخا في صفوف الثوار الأمازيغ،
بقطع الوعود وتقديم تنازلات بسيطة. ورغم ثورة الموريين عقب تولي بطليموس، فإن
البروقنصل دولابلا Dolabella أفلح في الظفر بتاكفاريناس الذي قتل وهو يحارب سنة
24م. لتنتهي بذلك ثورته."
وهكذا تنتهي ثورة تاكفاريناس بعد سنوات طوال من المقاتلة والنضال
والكفاح من أجل تحرير البلاد من الغزاة، ليتسلم الثوار الآخرون بعد ذلك مشعل
المواجهة والتصدي ليكون تاريخ الأمازيغيين طوال حياتهم تاريخ المقاومات الشريفة
والملاحم البطولية. وبعد التخلص من ثورة تاكفاريناس التي دامت سنوات طويلة، ارتاح
الرومان وتنفسوا الصعداء بعد ضيق كبير، وۥخيّبت آمال الأمازيغيين في الحصول على
استقلالهم ونيل حرياتهم في تسير شؤون بلادهم بأنفسهم. وبدأت الجيوش الرومانية في
التوغل في أراضي تامازغا شرقا وغربا وجنوبا قصد الاستيلاء على كل الأراضي الخصبة
الصالحة للزراعة والري. واستطاعت أن تفرض نفوذها الإداري على كثير من أجزاء
أفريقيا الشمالية، وأن تعين في كل ولاية البروكونسولProconsul لجمع الضرائب ومراقبة نفقات الدولة وتجنيس الأهالي
وتطبيق القوانين الرومانية على الأمازيغيين مع التصدي لكل من سولت نفسه مهاجمة
الجيش الروماني. ولكن ثورة تاكفاريناس ستولد ثورات شعبية واجتماعية ودينية أخرى
ستعمل على تعكير صفو الحكومة الرومانية التي كانت تعتمد في الصد والدفاع عن نفسها
وحماية مصالحها على قوات إيطالية وإسبانية وأمازيغية في حروبها مع أهالي تمازغا
الذين كانوا يشرئبون إلى الحرية والاستقلال ويتعطشون إلى الدفاع عن أرضهم بالنفس
والنفيس.